إعداد/ الاستاذ عبدالرحيم بودرة اعمارة باحث في تاريخ المغرب
★ الاحتفال بالسنة الأمازيغية والفلاحية:
بحلول يوم 13ينائر من كل سنة تبتدأ السنة الفلاحية ويتلوها في اليوم الموالي بداية السنة الأمازيغية التي توافق هذه السنة 2975 وسنحاول في هذا المقال التاريخي النبش في الذاكرة التاريخية الاجتماعية قصد تسليط الضوء عن هذا الحدث الذي يحتفل به سواء في الارياف عند الفلاحين وعند الأمازيغ ببلادنا.
بداية السنة الأمازيغية توافق حلولها يوم 14ينائر من كل سنة.وشهر ينائر بالامازيغية (ين : الاول وايور : شهر )وهو اليوم الذي تقوم الأسر الأمازيغية بتهيئة مايعرف (بتاكولا) وعند اهل البوادي ( لعصيدة)، والذي يوافق ايام أواسط منزلة الليالي الشتوية الاربعينية من ايامها البيض او الطوالح وفيها منزلة سعد الذابح ومرجعيته في الذاكرة الشعبية ان شاب اسمه سعد خرج مسافرا دون الاخد بنصيحة والده الذي نبهه من احتمال ماسيعترضه من اخطار في سفره بناقته من شدة البرد وقساوة الشتاء ان لم يتزود بالحطب الكافي واللباس الدافيء لكنه خرج غير مبالي بذلك .ومع مرور زمن رحلته اشتد به الوضع من مااصابه من قساوة الطبيعة من برد وثلوج فلم يجد من ملبس كافي ولا طعام الا فاقدمعلى ذبح ناقته مستعملا جلدها وصوفها للتدفئة كملبس ولحمهما كطعام فسمي في الذاكرة الشعبية “بسعد الذابح “واصبح منذ ذلك الزمن تنعث هذه الفثرة من الشتاء القاسي باسمه .
وكما اسلف فهناك أكلة دأب الأمازيغ على اعدادها في هذا اليوم اي بداية السنة الأمازيغية تسمى :”تاكولا”وهي من الذرة اوالشعير مع زين ارگان والعسل أو الزبدة .اما عند اهل البوادي وبعض الأسر بالمدن من غير الأمازيغ فيقومون بتحضير مايعرف “بلعصيدة”وهي من الذرة فقط بإضافة زيت الزيتون .
واحتفاء بالسنة الفلاحية ببلاد المغرب دأبت الأسر على تهيئ أكلة “الرفيسة “او الثريد في الاصطلاح العربي وهي أكلة مفضلة ومنافسة لاكلة الكسكس العريقة .
وبالرجوع للمصادر التاريخية نجد أن كلمة الثريد حسب ابن منضور في لسان العرب تعني طعام من خبز مفتت مبلول بمرق وهو اكل عرف بالجزيرة العربية منذ القدم وهو مااورده المؤرخ المسعودي في كتابه مروج الذهب بقوله انها كانت من خبز رقيق مفتت يضاف عليها مرق من لحم وهو اكل فضل لدى العباسيين منذالقرن العاشر الميلادي .
ولقد عرف اهل المغرب الثريد مع دخول الفتح الاسلامي وتطور مع الزمن ليصبح على شكله الحالي .غيران بعض المؤرخين من يورد خبر الثريد بوصفه بالفطير الافريقي خلال العصر الوسيط كما هو حال المؤرخ الحسن الوزان في كتابه وصف افريقيا غير ان انه ذلك كان يقصد به أكلة أخرى مايعرف اليوم عندنا “بالتردة “وهي أكلة ظهرت مباشرة بعدسقوط غرناطة بالاندلس سنة 1492م مع نزوح المورسكيون من بلاد الاندلس نحو بلاد المغرب وكانت تسمى أكلة الليالي السود لارتباطها بمعاناتهم خلال رحلة النزوح التي وردت عند العديد من المؤرخين ومارافقها من قساوة واخطار كبيرة وتقوم أكلة التردة هذه على الخبز اليابس وقليل من المرق والدهن وقليل من العدس والفول وزيت زيتون ان توفر لديهم .
اما الحديث عن أكلة الرفيسة المعروفة عندناببلادنا فتقوم على اصل الثريد العربي وبتعديل اهل بلاد المغرب من زيادة مالذ من قوام التحضير من لحم الدواجن او الضأن وتفنن في الاعداد اذاصبحت تعتمد على طحين قمح رفيع او ذرة بيضاء منخولة باضافة لحم ضأن دون اكتماله الحول أو لحم دواجن برية طائرة من حمام وحجل وسمان او لحوم الدواجن من دجاج بلدي وديك رومي مع إضافة بعض البصل الفتي الفصلي وقليل من العدس واحيانا وبعض حبات الفول والحلبة والثوم البلدي لما لذلك من فوائد الصحية العديدة وتوابل واعتماد الزعفران الحر وزيت الزيتون او ارگان او السمن البلدي مع التزين ببيض السمان اوبيض الدجاج البلدي وتقدم في آنية تقليدية خشبية من جدع الجوز او قصرية فخار .
غير اننا اصبحنا نلاحظ تغير كبير في طريقة تقديمها في مااصبح يعرف (رفيسة بريستيج بإضافة الجوز والزبيب واللوز والتمر )وهو اجتهاد حسب رأينا غير محمود لما وجب من ضرورة المحافظة على هذا الثرات المادي واللامادي في بلادنا الغنية والحمد لله بأصالة ضاربة في القدم .
هذه الاكلة المغربية الأصيلة (الرفيسة )التي هي كما اسلف المفضلة عند الأسر المغربية في ايام “اللمة”اجتماع الأسر او عند الاحتفال بزيادة المولود في اليوم الثالث او السابع غير انا تظل مرتبطة بما يعرف بناير عندنا وبأمل سنة فلاحية جيدة بحول الله .
هذا ما حاولنا بعون الله وتوفيق منه بالتعريف بهذا اليوم من تاريخنا الاجتماعي ببلادنا الزاخر بتنوع تقاليده الأصيلة.
تعليقات الزوار ( 0 )