تبنى المغرب في إطار الأعمال التي أنجزها والمتعلقة بتدبير البيئة، لا سيما في مجال تحسين جودة الهواء، البرنامج الوطني لتحسين جودة الهواء 2017-2030، والذي يروم إلى تقليص التلوث الناتج عن الوحدات الصناعية ووسائل النقل وتقوية الترسانة القانونية لتقليص تلوث الهواء.
ويعتبر المغرب من بين البلدان المنخفضة والمتوسّطة الدّخل الأشد تأثرًا بتلوث الهواء، نظرًا لاعتماده على الفحم كمصدر أساسي لإنتاج أكثر من 50 في المائة من الكهرباء، إذ أنّ محطّات إنتاج الطّاقة التي تعمل على الوقود الأحفوري في المغرب هي من بين المحطّات الأكثر تسبيبًا لتلوّث الغلاف الجوي والمنظومة الإيكولوجية.
مدينة آسفي، التي تقع على الساحل الأطلسي، تعتبر من المدن المغربية الأكثر تضررًا من تلوث الهواء الناتج عن الأنشطة الصناعية، إذ تضم أحد المجمعات الصناعية لتكرير الفوسفات في المغرب، الذي يُعد أول مصدر له في العالم. بموازاة ذلك تعرف مدينة أسفي تجمعًا حضريًا واسعًا يمكن ملاحظته بكل وضوح، كما يمكن معاينة ذلك بصفة غير مباشرة من خلال الأرقام والإحصاءات التي تنشرها المندوبية السامية للتخطيط.
التلوث الصناعي بآسفي يهدد صحة الأفراد ويفاقم أزمة تغير المناخ
يعزى هذا التجمع السكاني إلى عدة اعتبارات، منها كون المدينة تقع على الساحل الأطلسي، وتمتاز بوجود أنشطة اقتصادية متنوعة ومتجاورة، وحسبنا أن نذكر الصناعات الكيماوية المرتبطة بالفوسفات، التي بقدر ما توفر من مناصب شغل، بقدر ما تؤثر سلبًا على صحة الإنسان والتنوع الإحيائي والإيكولوجي بالمدينة.
ويعاني سكان مدينة آسفي، القاطنون بجوار فوهات مداخن المركب الكيماوي التابع للمكتب الشريف للفوسفات بآسفي، صحيًا جراء انبعاثات ثنائي أكسيد الكبريت والغازات السامة من أمراض في الجهاز التنفسي، فيما تتسبب النفايات الكيماوية التي يتم رميها بالبحر بطرد السمك الذي تعتمد عليه المدينة الساحلية.
التلوث الصناعي بآسفي يهدد صحة الأفراد ويفاقم أزمة تغير المناخ
يعتبر سكان جماعة ولاد سلمان المجاورين للمحطة الحرارية بآسفي، الأكثر تضررًا بالنظر إلى قربهم من المحطة، وهو ما يؤكده لمواطنون حيث أن أغلب ساكنة جنوب آسفي يعانون أمراضًا تنفسية مزمنة بسبب الانبعاثات السامة، وأضحت أدوية الجهاز التنفسي والرشاشات من الأشياء الاعتيادية وفق تعبيره.
التلوث الصناعي بآسفي يهدد صحة الأفراد ويفاقم أزمة تغير المناخ
بالرغم من إقرار البرنامج الوطني لتحسين جودة الهواء 2017 – 2030 فإن التلوث في آسفي لم يتراجع .
هذا على الرغم مما يوليه المغرب من اهتمام كبير لمشكل تلوث الهواء الناتج أساسًا عن المنشآت الصناعية الثابتة وعن وسائل النقل، وذلك للتأثير المباشر والخطير على صحة الساكنة وبالأخص الأطفال منهم. وقد تم تقييم كلفة تدهور جودة الهواء ب 9,7 مليار درهم في السنة بنسبته 1.05 في المائة من الناتج الداخلي الخام لسنة 2014، وهو ما اقتضى معه إقرار البرنامج الوطني لتحسين جودة الهواء 2017 – 2030.
وتعتبر الصناعة قطاعًا يُعتمد عليه بشكل كبير داخل جهة مراكش أسفي، فهي تحتل المرتبة الثانية في اقتصاد الجهة من حيث الأهمية، وتشكل الصناعات التحويلية، والغذائية، والكيماوية قاعدة القطاع الصناعي بالجهة. ومن خلال هذه الوحدات الصناعية، تساهم الجهة بـ 16% من الصادرات الصناعية، و8% من الإنتاج الصناعي و10% من الاستثمارات، على الرغم من الكلفة البيئية الكبيرة لهذا النشاط الصناعي.
تعليقات الزوار ( 0 )