بقلم : محمد الراجي
إذا قادتْكَ أقدامُكَ وأنت تحطّ الرحال لأوّل مرة إلى مدينة آسفي، نحو المدينة القديمة، خصوصا في الليل، يصعب أن تصدّق كيف يصبر السكان هنا على المحن.. بوسط المدينة القديمة، خصوصا في شارعي الرباط وإدريس بناصر، لا يتوقّف ضجيج الباعة المتجوّلين، وباعةِ السمك، وعندما يُسدل الليل ستائره على المدينة، وينسحب الكل، يتحوّل المكان إلى “مزبلة” حقيقية تختلط فيها المتلاشيات مع أحشاء الأسماك، ويصير المنظر العامّ مقزّزا، تفوح من أرضيته المبلّلة بالوحل روائح لا تٌطاق.
في حدود منتصف ليل أحد أيّام الأسبوع الماضي، وبينما كان شارع الرباط يلفظ آخر المارّين به، تحديدا حين شرع البائعون الجائلون في جمْع سلعهم، بدأت معالم الشارع تتبدّى. على الرصيف وعلى قارعة الطريق أحشاء أسماك ومياه آسنة يلزمك أن تسير على أطراف أصابعك كي تتجنب التصاقها بالثياب..
كلّما توغّل الزائر أكثر، يكتشف مزيدا من “العفونة”، ومزيدا من الأزبال والمناظر “البشعة”. الأزقّة الضيّقة للمدينة القديمة والحالة المتردّية لواجهتها وقسماتُ وجوه بعض من عانوا تقلبات الزمن تنطق بؤْسا وفقْرا.. في إحدى الساحات ثمّة ضريح “سيدي بو الذهب”، في مقابله على الجانب الآخر سياج حديدي يفصل الشارع عن سكة قديمة للقطار، تُطلّ من السياج فتصادف مياها آسنة تنبعث منها روائح كريهة تترنّح فوقها أزبال.
تعليقات الزوار ( 0 )